الزبيدي :'لن ألتزم بواجب التّحفظ إزاء ما أملك من ملفات ضد المرزوقي'
تحدث وزير الدفاع الأسبق عبد الكريم الزبيدي في حوار للشارع المغاربي اليوم الثلاثاء 25 جويلية 2017، عن أحداث السفارة الأمريكية التي تعود أطوارها إلى منتصف سبتمبر 2012 ، معتبرا أن تصريحات الرئيس الأسبق المنصف المرزوقي في هذا الغرض 'تحريفا وتزويرا للحقيقة وتشويها للتاريخ'.
ونفى نفيا قطعيا ما ورد على لسان المرزوقي في برنامج 'شاهد على العصر' الذي يبث على قناة الجزيرة والمتعلق حول أحداث السفارة الأمريكية ، وخاصة رفضه طلب إنزال المارينز.
وعبّر عبد الكريم الزبيدي عن استغرابه ممّا صدر عن المرزوقي من تصريحات وصفها بـ 'المزيفة وتضمّنت مغالطات' في قناة أجنبية رغم أنه ملزم بواجب التحفظ بصفته كان رئيسا للجمهورية وقائدا أعلى للقوات المسلحة ، واصفا المرزوقي بـ 'اللاّمسؤول'. وأكد انه لن يلتزم بداية من اليوم بواجب التحفظ حيال ما يملك من ملفات ضد المرزوقي.
وحول مسؤولية وزارة الدفاع في أحداث السفارة الأمريكية، أكّد الزبيدي أن المعلومة التي بلغتهم في الوزارة في بداية الأمر تتعلق بمسيرة سلمية وانه لوحظ قبل يومين أو 3 أيام من الحادثة أن المسيرة لن تكون سلمية بسبب تجمهر أعداد غقيرة مشاركة في المظاهرة أمام السفارة الأمريكية.
وبيّن الزبيدي انه تم إعلام وزارة الدفاع في الاجتماع التنسيقي المذكور ان المسيرة ستكون سلمية وذلك عن حسن نية وفق تعبيره، متابعا أنهم طلبوا مساندتهم وتعزيزهم ببعض العناصر العسكرية لتأمين مدخل السفارة.
وأضاف 'بعد يوم نُظمت مسيرة ثانية أمام السفارة الأمريكية وكان عدد المشاركين فيها أكثر بكثير من عدد المشاركين في المسيرة الأولى …فأجبرت على الاتصال برئيس أركان جيش البر رشيد عمار وقلت له أن طلبات قوات الأمن خلال الاجتماع التنسيقي الأول لا تفي بالغرض”.
وأضاف ان عمّار استشاره حول إمكانية طلب اجتماع تنسيقي ثان مع وزارة الداخلية وأنه وافق فورا على ذاك.
وبيّن الزبيدي انّه تم بالفعل تنظيم اجتماع آخر تنسيقي بين الطرفين وان كوادر الداخلية أصروا على نفس مطالب الاجتماع الأول مقتصرين على طلب تامين مدخل السفارة الأمريكية بالأسلاك الشائكة فحسب.
وكشف انه فوجئ في نفس اليوم اي 14 سبتمبر 2012 وتحديدا على الساعة الثالثة بعد الزوال تقريبا بمكالمة من وزير الداخلية الأسبق علي العريض يعلمه فيها بان الوضع أصبح خطيرا في السفارة الأمريكية وان قرابة 170 سيارة احترقت.
وأوضح الزبيدي ان إجابته للعريّض كانت ” كيفاش يا سي علي …علاش ما كانش هذا مبرمج ؟ “، مؤكدا ان وزارة الداخلية فوجئت بدورها بفظاعة الحادثة بعدما تجاوزتها الأحداث ، مشددا على حسن نية وزير الداخلية وقتها علي العريض في قراءته لتطورات الوضع .
وأكد الزبيدي انه استغرب بعد مكالمة العريض خصوصا أن للجيش الوطني ثكنة قريبة من السفارة الأمريكية وتحديدا بالعوينة، مبينا انه هاتف الجنرال رشيد عمار مرة اخرى وامر بارسال وحدات عسكرية كتعزيز للقوات الأمنية .
وشدّد على ان الوحدات العسكرية التي تم إرسالها لتعزيز الوحدات الأمنية في حماية السفارة الأمريكية قامت بواجبها على أحسن وجه عكس ما يروج له الرئيس السابق المنصف المرزوقي بان الأمن الرئاسي وحده هو من أنقذ الموقف.
انقلب السحر على الساحرين..
وأكّد الزبيدي أن الجيش الوطني لعب دورا كبيرا لإرجاع الأمور إلى نصابها والسيطرة على الوضع خلال أحداث السفارة الأمريكية، كما عبر بالمناسبة عن إجلاله وتقديره لوحدات الآمن الرئاسي وما قامت به من دور،
وقال 'لقد انقلب السحر على الساحرين ..أي السلفيين الذين شاركوا في المسيرة ورابطات حماية الثورة التي انطلقت عناصرها من الكرم الغربي.. والجيش تدخل بنجاعة عكس ما يقول المرزوقي والفيديوهات الموثّقة خير دليل على ذلك.'
وفي سياق متّصل، أكد الزبيدي أنه بعد أن اتصل به علي العريض هاتفه رئيس الجمهورية آنذاك المنصف المرزوقي وقال له حرفيا : ” هل لديك علم بما يحصل من أمر خطير في السفارة الأمريكية؟”.
المرزوقي لا يعرف صلاحيات الجيش
وتابع قائلا ” اكتشفت خلال المكالمة أن المرزوقي لا يعرف صلاحيات الجيش الوطني في حالة الطوارئ…ثم أعلمته بكل ما حصل من اجتماعات تنسيقية مع وزارة الداخلية بخصوص ما حدث في السفارة الأمريكية وقلت له أيضا أن وزير الداخلية علي العريض اتصل بي لمزيد التنسيق”.
وأضاف 'أعلمت المرزوقي بأن قيادات الجيش اعطت التعليمات للعنصر العسكري لكي يتدخل للسيطرة على الوضع.. وتواترت العديد من الاتصالات الأخرى ومن بينها اتصال من وزير الدفاع الأمريكي الذي أعلمته أن كل شيء تم على أحسن ما يرام'.
من جهة أخرى، أكد وزير الدفاع الأسبق أن مدير ديوان رئيس الجمهورية عماد الدايمي اتصل به واعلمه بان رئيس الجمهورية يخبره بان مسؤولين امريكيين منهم وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون و”البنتاغون” طالبوا بإلحاح كبير بإنزال عسكري أمريكي بالأراضي التونسية .
مضيفا 'أعلمت الدايمي برفضي الطلب…لان القوات الأمنية والعسكرية تمكّنت من السيطرة على الوضع ولأن وزارة الدفاع لا تقبل مثل هذا التدخل “، مشيرا إلى أن مدير ديوان رئيس الجمهورية قال له ” كيفاش نعملوا ؟” وانه أجابه مرة أخرى 'لا .. لا'
وأضاف الزبيدي ' قلت للدايمي ليست لي بك أي علاقة…وعلى رئيس الجمهورية أن يتصل بي بصفة مباشرة ، وان كان يريد فعليه ان يرسل مكتوبا وحتى بن علي كان يتصرف هكذا مع وزارة الدفاع”.
وتابع :بأن الدايمي رد ” هذا حنين إلى الماضي” وانه اكتفي بالرد ” سمّ هذا ما شئت .. ”
وأكد الزبيدي انه اعلم الدايمي بان “أفريكوم” أرادوا أكثر من مرة الدخول إلى تونس وأنه منذ انبعاث هذا الجهاز كان الأمريكان يحلمون بالتمركز بتونس وان كل الدول المجاورة رفضت مطالبهم بما في ذلك الجزائر والمغرب وان تونس لن تقبل بالتّفريط في أي شبر من أرضها.
وأضاف ' قلت له أن قوات المارينز تريد النزول في تونس والبقاء فيها بلا رجعة'، مبرزا انه بعد أن رفض هذا الاقتراح اتصل المرزوقي بالجنرال رشيد عمار وأكد له أن الأمريكان طلبوا منه إنزال بعض عناصر المارينز في تونس ، ليعلمه عمار بان له 'وزير هو مرجع نظره'. وكشف ان رشيد عمار بدوره طلب من المرزوقي امرا كتابيا.
وواصل عبد الكريم الزبيدي حديثه قائلا : “على الساعة الحادية عشرة ليلا اتصل بي مدير ديواني ( وزارة الدفاع) وأعلمني انه تلقى مكتوبا يفيد بان العشرات من عناصر الدعم الأمريكي ' مارينز' سيصلون إلى تونس '.
واضاف 'قال لي مدير الديوان ان المكتوب تضمن إعلاما بان هناك دعما لوجستيا وبشريا أمريكيا سيصل إلى تونس..وطلبت منه حرفيا أن يكتب أنه وردت على وزارة الدفاع الوطني وثيقة على الساعة الحادية عشرة ليلا و 9 دقائق تضمنت تلك المطالب الأمريكية”.
وأكد أن طائرة حلّت بتونس وعلى متنها العشرات من عناصر 'المارينز' وأنهم وصلوا تحديدا على الساعة الثانية صباحا من اليوم الموالي الذي تلا أحداث السفارة الأمريكية.
وقال انه أمر الوحدات العسكرية بتدقيق وتفتيش وجرد كل عتاد ” المارينز” “وخصوصا أسلحتهم ، كاشفا أن من استقبلهم في ثكنة العوينة هو الهادي بلعباس الذي كان يشغل وقتها منصب كاتب دولة لدى وزارة الخارجية وينتمي في نفس الوقت لحزب المؤتمر من أجل الجمهورية .
كما كشف الزبيدي انه بعدما باءت محاولات مدير الديوان الرئاسي ورئيس الجمهورية في إقناعه بقبول دخول قوات المارينز في تونس بالفشل، تم الاتصال به من قبل مستشار رئيس الحكومة حمادي الجبالي وان هذا الأخير سأله ما إذا كانت هناك إمكانية لإنزال “مارينز” بتونس فأجابه قائلا 'إن نزل عسكري أمريكي واحد بتونس سأقدم استقالتي'.
الاستقالة..
وواصل الزبيدي سرد وقائع استقبال وحدات المارينز بتونس قائلا ' في صباح اليوم الموالي وجدت الوثيقة التي أعدتها رئاسة الجمهورية ..ثم دعا المرزوقي لاجتماع عاجل حضر فيه رئيس المجلس التأسيسي مصطفى بن جعفر ووزير الداخلية علي العريض وزير العدل نور الدين البحيري والجنرال رشيد عمار'.
وأكد انه قال في كلمته خلال الاجتماع المذكور انه من غير المعقول اتخاذ قرارات تهم أمن البلاد بلا تنسيق بين مختلف الأطراف المتداخلة ،و انه ذكّر المرزوقي أمام الجميع بأنه رفض إنزال “المارينز” في تونس ليلة الواقعة التي جدث بالسفارة الأمريكية . وأعلن انه قدم استقالته على الملأ.
من جهة أخرى، بيّن وزير الدفاع الأسبق أن العديد من الأطراف اتّصلت به في محاولة لإقناعه بالعدول عن قرار الاستقالة ومنها مجلس الجيوش وكذلك رئيس المجلس التأسيسي مصطفى بن جعفر.
وأعرب عن استغرابه من محاولة إيهام المرزوقي باختفاء حمادي الجبالي يوم حادثة السفارة، مشيرا إلى رئيس الحكومة وقتها كان في تركيا وقطع الزيارة للعودة إلى تونس فور إبلاغه بالتطورات الحاصلة ، مؤكدا أنه يملك كل المستندات الموثقة التي تثبت حقيقة روايته في ما يتعلق بخفايا أحداث السفارة الأمريكية في تونس يوم 14 سبتمبر 2012.
الشارع المغاربي